Thursday, December 4, 2014

قد هيئــــــوك لأمر لو فطنت لـــــه :: فاربــــأ بنفسك أن ترعى مع الهـــــمل


بسم الله الرحمن الرحيم



إن حالنا في هذه الدنيا الفانية أشبه ما يكون بقوم ركبوا سفينة وهم على وشك الوصول إلى الشاطئ في أي لحظة.

هذا التشبيه البسيط لو جلس العاقل وتفكر فيه طويلا لحث الخطى واستقام في المسير استعدادا للحظة الوصول.

ولكن...

للأسف أين هم أولئك العقلاء الفطناء..! فنحن في زمان تمكنت فيه الدنيا من قلوب العباد إلا من رحم ربي
.


فيا للعجب كيف نغفل عن يوم سيشيب لهوله الولدان! ثم ننشغل بدنيا فانية ملعونة على لسان نبينا عليه الصلاة والسلام.



روي عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: مر بي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أطين حائطا لي أنا وأمي فقال: ماهذا يا عبدالله؟، فقلت: يا رسول الله شيء أصلحه، فقال:

" الأمر أسرع من ذلك."

أي: أن الموت أسرع من فساد ذلك الحائط الذي تخاف فساده وهدمه لو لم تصلحه.



والشاهد أننا نرى في زماننا التسابق والتنافس على الدنيا والتطاول في البنيان والانشغال بالدنيا عن الأخرى الباقية، وكأن القوم باقون إلى الأبد في هذه الحياة الدنيا.


إن الذي يدمي القلب أنك لا تكاد ترى من هامت همته في الثريا، لا تكاد ترى من يحمل هم هذا الدين.

نظرة سريعة على أهداف الكثير من شباب وفتيات الأمة.. تجد أن جلهم إلا من رحم الله همه الدنيا وجل حديثه وكتاباته عن الدنيا وفتن الدنيا وشهواتها.



قليل من قليل هم أولئك الذين فقهوا الغاية التي من أجلها خلقوا، فعملوا بمراد ربهم وصبروا على طاعته وعن معصيته نسأل الله لنا ولهم الثبات حتى الممات.


بينما الآخرون عند أتفه فتنة تعرض على قلوبهم تخور أمامها قواهم وعزائمهم، يدعون مواكبة العصر ويتخلون عن مبادئهم بكل سهولة ومرونة.



إن الموحد الذي يحمل في قلبه قوة إيمان وعقيدة صلبة يبقى كالجبل لا تؤثر فيه الرياح ولا تهزه مهما بلغت قوتها، وفي زماننا هذا الذي يحارب فيه المسلمون فكريا وإعلاميا ويشكك في عقائدهم وتحارب مناهجهم نحن أحوج ما نكون إلى تلك الجبال لتقف بوجه المد الغربي وتصد ذلك الخطر الزاحف والسيل الجارف.



ولكننا اليوم أصبحنا لا نكاد نرى تلك الجبال وإن رأيناهم فهم غرباء علينا نحاربهم ولا نعينهم لأنهم في نظر البعض منا:

[رجعيون ، متشددون ، وهابيون ، متطرفون ، متحجرون ، لا يواكبون العصر ضد الحضارة والتطور]


وصدق الضحوك القتال عليه الصلاة والسلام حينما قال:

"في آخر الزمان لا تجد من يعينك على الحق"



إن الذي أريد قوله تحديدا أن المسؤولية علينا عظيمة نحن أحفاد الصحابة وقد نزل القرآن بلساننا وأنعم الله علينا بنعمة الإسلام، والله مبتلينا وممحصنا ليعلم الصادق منا فيصطفيه ليكون من أوليائه وأنصار دينه، ومتى حملت في قلبك هم أمتك ستشعر بمعية الله لك لا محالة، فبالله يقوى إيمانك في أوقات الفتن وبه تعالى تأنس إذا استوحشت الطريق، وإليه عز وجل تلتجئ إذا جفوك الناس وشعرت بالغربة.



فيا شباب الإسلام إن الأيام دول فإن طابت لكم دنياكم وطاب عيشكم اليوم، فغدا قد تدور عليكم الدائرة فلا تأمنوا مكر الله إن تخليتم عن نصرة دينه عز وجل.

ولا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ومن خذل مؤمنا في موطن يحتاج فيه إلى نصرته خذله الله في موطن يحب فيه نصرته ، ولا يخفاكم أن لكم إخوة يفترشون الأرض ويلتحفون السماء تحالف عليهم أراذل خلق الله من صليبيين ويهود ورافضة حاقدين.



لا تقولوا لا دخل لنا بهم وحدود سايس بيكو تمنعنا عن نصرتهم، فقد تنطلي تلك الحجج الواهية على البشر ولكن رب البشر يعلم بما تخفي الصدور والله عزيز ذو انتقام.

والنصرة لها أبواب كثيرة أقلها نصرتهم ولو باللسان والوقوف بصفهم ورفع معنوياتهم وهم بأشد الحاجة لذلك، والذب عن أعراضهم وعدم تصديق أكاذيب الكفار عليهم، وعلى أقل تقدير إمساك اللسان عنهم.





وختاما أقول..

إن الحق أبلج مهما قل أنصاره وإن الباطل لجلج مهما زاد وكثر أنصاره والعاقل من اتعظ بغيره والعبرة تقاس بالثبات على المبدأ والعقيدة، ولا تقاس في موازين الناس الجائرة والظالمة، والموحد لا يضره قلة السالكين ولا يغتر بكثرة الهالكين ولا ارتفاع أصوات المخالفين..

وقد قال خالقنا عز وجل:

{وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله}



فلا يظنن أحد أن الكثرة دليل السلامة، إنما السلامة والنجاة بالسير خلف خطى النبي عليه الصلاة والسلام كما هي دون تبديل أو تعطيل أو تمييع.

فهو قدوتنا الأول في هذه الحياة قد أوذي وحورب وعودي وطرد من أحب البلاد إليه.

ويوم القيامة يأتي النبي ومعه الرجلان ويأتي النبي ومعه الرجل ويأتي النبي وليس معه أحد.

وقد قال ورقة ابن نوفل رضي الله عنه لنبينا صلى الله عليه وسلم:

(والله يا محمد ما جاء أحد بمثل ما جئت به إلا أوذي. وفي رواية: إلا عودي)



فيا عباد الله تفكروا واتعظوا

ولينقذ كل واحد منا نفسه من النار، فاليوم عمل وغدا حساب
ولا عمل، فحذار يا أخ الإسلام أن تكون مجرد رقم، ضع لك بصمة في نصرة دين الله تعالى واعمل لله وحده لا تنتظر ما عند البشر.



قد هيئــــــوك لأمر لو فطنت لـــــه ::

فاربــــأ بنفسك أن ترعى مع الهـــــمل

No comments:

Post a Comment